بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى والشكر له على ما أولى من نعم سابغة وأحمده سبحانه وأتوب إليه.
إن من الأسس الأخلاقية الفاضلة في الإسلام خلق ((علو الهمة)) ويرجع هذا الأساس الأخلاقي إلى مجموعة من الظواهر الخُلقية مثل[الجد في الأمور،والإباء والترفع عن الصغائر والدنايا،والطموح إلى المعالي].
تعريف الهمة:-
هي ما هُمّ به من أمر ليُفعل ، والهِمة هي الباعث على الفعل وتوصف بعلوٍ أو سفول.
أقسام الهمة:-
1- وهبية 2- كسبية
الوهبية:-هي ما وهبه الله تعالى للعبد،وإذا عُنيت ورُعيت تصبح كسبية.
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:
((ولقد عرفت بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي،وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات،فإذا حُثت سارت،ومتى رأيت في نفسك عجزاً فسل المنعم،أو كسلاً فالجأ إلى الموفق،فلن تنال خيراً إلاّ بطاعته ولا يفوتك خيراً إلاّ بمعصيته.))
موقف الإسلام من خلق علو الهمة:-
الإسلام يحث على علو الهمة ويحرص على تربية المسلمين على هذا الخلق وعلى كل الظواهر الخلقية التي ترجع إليه.
فمن الملاحظ في الإسلام أن الإيمان والعمل قرينان، والعمل هو الظاهرة المادية لعلو الهمة في النفس.
ولقد كانت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مليئة بألوان تربية المسلمين على علو الهمة، ومن ذلك توجيهه لكسب أرزاقهم عن طريق الكدح والعمل،وتوجيههم للتنافس والتسابق في فعل الخيرات،وإلى معالي الأمور ورفع المنازل بالعمل الصالح وتعويدهم الجد في أعمالهم والقيام بها بهمة ونشاط،وأمرهم بالجهاد فيها ومجاهدة النفس،وفي مقابل ذلك ذم الإسلام التواني والكسل وأمر بالبعد عن اللهو وكل أمر لا فائدة منه.
الحث على علو الهمة من القرآن والسنة:-
تواردت نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة على حث المسلمين على ارتياد معالي الأمور والتسابق في الخيرات وتحذيرهم من سقوط الهمة وتنوعت(1) أساليب القرآن الكريم في ذلك:
أ) ذم ساقطي الهمة وتصويرهم في أبشع صورة:
1- كما قص الله علينا في قصة موسى-عليه السلام-لقومه:
((أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير))
2- وقال تعالى واصفاً حال اليهود والذين علموا فلم يعملوا((عُلمتم ما لم تعلموا))،في حين أنه امتدح يعقوب عليه السلام بقوله تعالى((وإنه لذو علم لما علمناه)).
3- وذم المنافقين المتخلفين عن الجهاد لسقوط همتهم فقال تعالى((رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)).
4- وشنع –عز وجل- على الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ويجعلونها أكبر همهم وغاية علمهم باعتبار هذا الإيثار من أسوأ مظاهر خسة الهمة فقال تعالى((فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق،ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب))
ب) ثناء الله تعالى على أصحاب الهمم العالية:
1- وفي طليعتهم الأنبياء والرسل قال تعالى((واصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)).
2- كما أنه أمر المؤمنين بالهمة العالية والتنافس في الخيرات قال تعالى((فاستبقوا الخيرات))
2) أما من أساليب السنة الشريفة:
فحدث ما شئت عن علو همة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أوصاهم بذلك فقال((احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)).
وكان عليه السلام يتعوذ بالله من(( العجز والكسل)) وقال لأصحابه((إن الله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفسافها)).
وطمأن أهل الهمة العالية بأن الله يمدهم بالمعونة على قدر سموهم فقال عليه الصلاة والسلام((إن المعونة تأتي من الله للعبد على قدر المؤنة)).
وسائل ترقية الهمة:-
إن تطوير الإنسان لهمته والرقي بها أمر مطلوب،وإذا كان علو الهمة مطلب للناس جميعاً حث عليه رسولنا الكريم فإنه من الأجدر بنا كمعلمين ومعلمات أن نرقى بهممنا ونعلو أشرف مهنة على وجه الأرض ألا وهي مهنة التعليم،لذا فمن الأولى أن نكون أول من يحرص على رقي وعلو هممنا في التدريس لننال شرف الدنيا وثواب الآخرة.
وهذه جملة أمور تساعد على تطوير الهمم:-
1] المجاهدة:-
قال الإمام عيسى بن موسى((مكثت ثلاثين سنة اشتهي أن أشارك في أكل هريسة السوق فلا أقدر على ذلك لأجل البكور إلى سماع الحديث)).
2] الدعاء الصادق والالتجاء إلى الله:-
فهو سبحانه القادر على أن يقوي إرادتنا ويُعلي هممنا ويرفع درجاتنا
((اللهم ارزقني عملاً صالحاً ترضى به عني))،((اللهم إني أسألك علما نافعاً وعملاً صالحاً))((اللهم علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني)).
3] اعتراف الشخص بقصور همته وأنه لابد له أن يطورها ويعلو بها:-
فهذان الأمران الاعتراف بالقصور،واعتقاد إمكانية التغير عاملان مهمان لابد منهما في تطوير الهمة وبدونهما لا يكون الشخص قد خطا خطوات صحيحة.
4] قراءة سير سلف الأمة:-
فكم من إنسان قرأ سيرة صالح مجاهد فتغيرت حياته إثر ذلك تغيراً كلياً وصلح أمره وحسن حاله.
5] مصاحبة صاحب الهمة العالية:-
كل قرين بالمقارن يقتدي.
6] مراجعة جدول الأعمال اليومي ومراعاة الأولويات:-
إذ كلما كان الجدول بعيداً عن الرتابة والملل كان أجدى في معالجة الهمة.
7] التنافس والتنازع بين الشخص وهمته:-
فعلى من يريد تطوير همته أن يضيف أعباءً وأعمالاً يومية لنفسه لم تكن موجودة في برنامج حياته السابق بحيث يُحدث نوع من التحدي داخله لإنجاز ما تحمله ويجب أن تكون هذه الإضافات مدروسة بعناية وإحكام حتى لا يصاب بالإحباط كما يجب أن تكون هذه الأعمال مبلغة للكمال(بإذن الله).
8] الدأب والتشوق للمعرفة:-
فمن استوى عنده العلم والجهل أو كان قانعاً بما له وما هو عليه
فكيف تكون همة أصلاً.قال تعالى((قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)).
9] الابتعاد عن كل ما من شأنه الهبوط بالهمةوتضيعها:-
كثير من الناس تضيع طاقاتهم في أمور لا تعود عليهم بالنفع بل قد يكون فيها كثير من الضرر .
ونختم تلك الأمور بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف))
والقوي هو صاحب العزم عالي الهمة الذي يواجه صعوبات الحياة والعمل ومراقي الكمالات بقوة وعزيمة وهمة عالية فيحرص على ما ينفعه ،ويبذل كل ما يستطيع من قوة لديه مستعينا بالله غير متخاذل ولا شاعراً بالعجز،أو خائف منه وكيف يعجز وعون الله يصاحبه إذا كان صادقاً مع الله.
قال البارودي
ومن تكن العلياء همة نفسه
فكل الذي يلقاه فيها محبب
والآن أختي المعلمة سوف نطبق الأساليب السابقة بأسلوب علمي عملي مستعينين بالله لنصبح معلمات ذوات همة عالية ننال به الأجر والثواب من عند الله .
قال صلى الله عليه وسلم((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه)).
قال تعالى((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم))
1) القوة من داخلك
إن من أصعب المهام في هذه الأيام هو التدريس ، فالتدريس اليوم أصبح معقداً أكثر مما سبق حيث يواجه المعلم بعض التحديات التي لم توجد في الماضي منها:
1- بعض الطلاب يحضرون للمدرسة وهم غير مستعدون للتعلم.
2- بعض الطلاب مشتتين وليس لديهم أي دوافع إيجابية للتعلم.
3- بعض الطلاب لديهم مشاكل في التركيز.
4- بعض الطلاب لديهم مشاكل سلوكية.
5- الأهل الذين لا يقدرون جهود المعلم.
6- الإدارة الغير متعاونة.
7- النقص في الموارد سواء المالية،الكتب،الخامات،والأدوات وغيره.
8- الأهل الذين لا يقدرون أهمية التعليم.
ولكن ما الذي يقوله المجتمع والمختصون حول تلك التحديات ؟إنهم في الحقيقة يلقون باللوم على المعلم ، ويطالبونه بــــ:
· أن يزيد من دافعية طلابه.
· أن يزيد من ثقتهم بأنفسهم.
· أن يساعدهم للوصول إلى أعلى قدراتهم.
ولكن من الذي سيحفز المعلم؟ من الذي سيعتني بثقته بنفسه؟من الذي سيساعده ليصل لأعلى كفاءة ؟
من وجهة نظري إن الأزمة التي يمر بها التعليم ليست بسبب المنهج ولكن هي بسبب التحديات التي تواجه عدد كبير من المعلمين، ولذلك نجد الكثير منهم فقدوا إيمانهم بقدرتهم على التأثير في حياة طلابهم.
إذن الإجابة على الأسئلة السابقة هي ج/المعلم نفسه.
يستطيع المعلم أن يسترد اعتقاده بقدرته على التغيير في طلابه
إن المعلم هو الذي يستطيع أن يقابل هذه التحديات بطرق إيجابية فعالة وأن يعمل تغير في طلابه،وأن يتمكن من عمل التغير الذي ينشده في فصله بالإضافة إلى ذلك شعوره بالسعادة بقدراته وإنجازاته.
يستطيع المعلم التأثير بعمق على حياة طلابه
كيف يصبح المعلم ذو همة( إنجاز عالي)؟
أي معلم يستطيع أن يصبح ذو إنجاز مرتفع ،وذلك عندما يؤثر إيجابياً على حياة طلابه،ويستطيع ذلك من خلال اختياره، فالاختيار يجعل رد فعله إيجابياً نحو التحديات التي تواجهه.
هذا السلوك(الاختيار)يعتبر الاستراتيجية الأولى التي يمكن للمعلم تعلمها و في الحقيقة يجب أن يتعلمها،لأن مستقبل الأمة يعتمد عليه(أي على المعلم) وذلك لأهمية وظيفته ،والاستراتيجية الثانية هي اعتقاد المعلم بقدراته،فإذا اعتقد المعلم أنه يستطيع فعل (....)فإنه سيستطيع بإذن الله أما إذا اعتقد بأنه لا يستطيع فهو فعلاً لن يستطيع.
إن اعتقاد المعلم بقدرته على التغير تنبع من إيمانه بقدراته الشخصية وبأنه يستطيع أن يعمل تغيراً كبيراً في حياة طلابه.
الفعالية عادة نستطيع أن نتعلمها
لقد ذكرت تلك القصة للتأكيد على أهمية دور المعلم ،هذه القصة تفيد بأن المعلم يستطيع أن يقابل التحديات مهما كانت وأن أي مشكلة لها حل.
إن المعلم الذي يطلق عليه ذو همة(( إنجاز عالي)) هو المعلم الذي يستطيع إخراج أو إظهار القدرات المميزة عند طلابه،والذي يتغلب على التحديات التي تقابله بفعالية والذي يرجع على منزله وهو في قمة الرضا والسعادة بنفسه وبإنجازاته، والذي يقول لنفسه (دائماً) أنا هنا من أجلهم فإذا لم أستطع التواصل معهم فمن الذي سيفعل ذلك؟أنا مهتم بهم،وقلق عليهم،أريد تعليمهم،أريد منهم أن يثقوا بي وبالطرق التي استخدمها معهم،والذي ينظر إلى عيونهم الصغيرة ويتخيلهم يقولون له((لو سمحت ساعدنا))ولهذا السبب فقط أنا معلم.
هناك حقيقتان تقود المعلم إلى الفعالية
الأولى:- كل طالب يستطيع أن يتعلم بإذن الله.
الثانية:- وأن كل معلم لديه القدرة على تعليم كل طالب بالفصل.
المعلم الفعّال:-
هو الذي:
1. من خلال تشجيعه للطالب يستطيع أن يخرج كل القدرات التي يمتلكها ويظهرها على هيئة سلوك إيجابي.
2. يحول فشل الطالب إلى نجاح مهما تطلب ذلك من جهد ووقت إي المعلم الذي لا يفقد الأمل في طلابه.
3. يستطيع التعامل والتواصل مع طلابه ويتقبلهم كما هم وذلك لأنه يحترمهم ويقدر خصوصياتهم وإمكاناتهم الفردية.
4. يعطي القليل من نفسه لكل طالب حيث أن الطلاب يرغبوا في التعامل معه.
خصائص المعلم الفعّال (صاحب الإنجاز المرتفع) :-
1. لديه رؤية واضحة ومحددة:أي يعرف تماماً ما الذي يريد أن يصل إليه في فصله كل يوم.
2. لديه إيمان إيجابي بقدراته :أي لديه اعتقاد بأنه يستطيع العمل بنجاح مع طلابه وذلك لعمل تغير في حياة طلابه.
3. يطور مهارات حل المشاكل : هذه المهارات التي تساعده على ابتكار وإنجاز الخطط التي تتغلب على التحديات المختلفة.
4. إدراكه بأن الاختيارات التي يقوم بها هي التي تؤثر على نجاحه.
5. تعلم كيف يبني علاقات إيجابية مع طلابهم بصرف النظر عن مدى تفوقهم وسلوكهم.
6. وأيضاً تعلم كيف يبني علاقات إيجابية مع الأهل والتي تجعله يقدر الجهد الذي يقوم به الأهل مع أبنائهم في المنزل.
7. الذي يحافظ على ردود الأفعال الإيجابية مع طلابه،والذي يعرف أن رد الفعل السلبي يعوق تعلمهم.
8. الذي يقدر احتياجه لفريق مساعد يسانده بإيجابية.
9. الذي تعلم كيف يخطط ويدير وقته وجهده ليستثمر مهاراته ومصادره.
إن تعلم تلك المميزات أو الاستراتيجيات الخاصة بالتدريس الفعّال ما هو إلاّ تطوير عادات جديدة في الاعتقاد وفي الشعور وفي الأفعال ولكن المشكلة هي أننا عندما نتعود على عمل ما فإننا نستصعب التغير.
الخلاصة:-
الذي يجعل المعلم صاحب إنجاز مرتفع ودافع أكثر للعمل هو التغير أي عليه أن يدرك بأن ما كان يفعله سابقاً يجب أن لايستمر في المستقبل ، كما عليه أن يدرك أنه باستطاعته تعلم حلول جديدة لمواجهة التحديات ولا ينسى أنه يستطيع:
تغير حياته من خلال اختياراته الدائمة.
التعلم ليصبح أكثر نجاحاً.
أن يقوي نفسه لعمل تغيرات في فصله يومياً.
أن يختار لعمل هذا التغير.
ليكون المعلم فعالاً هذا يرجع لاختياره ولكن لا تنسى أنت مدين لطلابك بهذا الاختيار والأهم أنت مدين لنفسك بهذا الاختيار.
أولاً الرؤية
بعض الدوافع وراء التحاق المعلم بمهنة التعليم:-
1- مساعدة الأطفال لاستخدام قدراتهم.
2- مساعدة الأطفال لزيادة ثقتهم بأنفسهم.
3- غرس المبادئ والقيم الإسلامية في نفوس الأطفال.
4- توجيههم الوجهة الصحيحة في الحياة.
مهما اختلفت دوافع المعلمين فإنها في النهاية لا تخرج (أو لا تبتعد) عن السابقة،وكل معلم (من المؤكد) يعرف ما الذي يريد أن يصل غليه في فصله ومع تلاميذه،ولا بد من أن لديه ما يركز عليه،وهذه ما نسميها أهدافه الذي يسعى لتحقيقها وهي تعتبر مفاتيح حماسه وثقته،ولكن المشكلة تكمن عندما تنسي أو تغمر المشاكل اليومية أهدافه.
من السهل النسيان خلال المشاكل
أحياناً نجد بعض المعلمين يعتبروا أن هدفهم يقف عند حدود اليوم الدراسي ولكن مثل هذا الهدف لا يترك أثرا قوياًً على التلاميذ،فنجد أن هؤلاء المعلمين هم الذين يعانون من الضغوط النفسية.