التربية و التعليم بعين الدفلى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يهتم بكل مايتعلق بالتربية و التعليم في ولاية عين الدفلى
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كيف نتعلم العلم؟ ج2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير
Admin
Admin
المدير


ذكر عدد الرسائل : 406
العمر : 41
الموقع : www.med-mekhaneg.skyblog.com
العمل/الترفيه : أستاذ مجاز / منشط
المزاج : هادئ على العموم، عصبي بعض الأحيان
تاريخ التسجيل : 28/12/2007

كيف نتعلم العلم؟  ج2 Empty
مُساهمةموضوع: كيف نتعلم العلم؟ ج2   كيف نتعلم العلم؟  ج2 Emptyالأربعاء 16 يناير 2008 - 22:06

فالآيات القرآنية أضافت الجهل إلى بعض الشعوب مع وجود بعض المتسمين بالعلم ... وفي بعض الأحيان لا تصف الآيات أحداً بالجهل وإنما تسلب منهم صفة العلم، كما في قوله تعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) الجاثية/ 18.
إن الذين ضغطوا على رسول الله (ص) ووقفوا ضده وسعوا لحرف رسالته الاسلامية، لم يكونوا بأجمعهم جهلة بالمعنى المصطلح، ففيهم الرهبان والقساوسة من اليهود والنصارى، مع ذلك الآية المباركة تسلب منهم صفة العلم.
فوصف مَن ينظر إليه بصفته عالماً بالجهل، وسلب صفة العلم عن أمثاله أيضاً، يشير إلى أن للعلم مميزات خاصة ... وهذه المميزات يمكن تشخيصها من خلال الفصل بين المفارقات التالية:
بين العلم والمعلومة: إن الإنسان المحصل تطرق مسامعه الكثير من المعلومات بين الحين والآخر، لكن هذه المعلومات لا يمكن أن تعتبر علماً لعدم وجود الراطب بينها، وعدم التحقق من صدقها وكذبها، إذ من المتعسر على الانسان تمحيص كل معلومة تصل إليه ... فما دامت تلك المعلومات متناثرة لا يجمعها جامع، وغير متحقق من دقتها، فلا يمكن وصفها بالعلم ...
فالعلم إنما هو الثوابت والأصول الجامعة لسائر الأفكار المتناثرة ... ويمكن ملاحظة ذلك جلياً في دائرة علم السياسة مثلاً، ففيها المعلومة المجردة وفيها الفكرة والنظرية ... فالمعرفة ببعض مفردات التاريخ السياسي للدول، وبعض مفردات الجغرافيا السياسية المعاصرة، وبعض القوانين الرائجة، وأسماء بعض الرؤساء والوزراء، كل هذه الأمور تعد من قبيل المعلومة المجردة، أما العلم فهو النظرية المستمدة قوتها من كل ذلك التراكم من المعلومات.
وهذا الفارق يمكن ملاحظته في الأشخاص كثيراً، حيث يمر عليك أحياناً مَن تراه مشحوناً بالمعلومات السياسية لا يتوقف من عرضها، لكنه ساذج على مستوى النظرية، لأنه غير قادر على استنباط فكرة من كل تلك المعلومات المتناثرة ... بينما يمر عليك أحياناً أخرى من تندر لديه المعلومات لكنه صاحب نظرية، ويمكن التمثيل لذلك بالدكتور اسماعيل صبري مقلد، فمن يقرأ كتابيه (الاستراتيجية والسياسية الدولية) و(العلاقات السياسية الدولية دراسة في الأصول والنظريات)، وبعض دراساته في الدوريات الكويتية يكتشف مباشرة أنه رجل حامل لنظرية، لا مجرد معلومات متفرقة.
كما يمكن ملاحظة هذا الأمر في علم الأدب، إذ فرق فيه بين المفردة البليغة والمعرفة ببعض الالسنيات الحديثة، وبين النضج الأدبي ... فليس كل مَن شحن كلامه بالمفردات الأدبية وأظهر المعرفة بالنظريات، (كالبنيوية والسيميائية) يصح اعتباره أديباً، ويُصنّف في سلسلة واحدة مع (كولن ولسون) أو (ماركيز) وأمثالهما ... فالأديب الناضج هو صاحب النظرية القادر على استخدامها في فنه بلا تكلف ... وهذا هو السر الذي يجعل كتابات عمالقة الأدب سهلة المنال سريعة الفهم، بينما تكون النقودات الأدبية لآخرين ـ المبتدئين خصوصاً ـ بمسيرة الفهم، لأن الأول يكتب بلا تكلف، بينما الآخر ليس لديه غير التكلف والتصنع.
هذه المفارقة هي تماماً ما يمكن استنتاجه في خصوص العلوم الدينية أيضاً، حيث يفرق فيها بين حفظ بعض الآيات والروايات، ومعرفة بعض النظريات العامة والقواعد الأصولية والمفاهيم الفلسفية، وبين القدرة على تكوين النظرية المستوحاة من كل تلك المعلومات المتفرقة ... ولهذا يمكن التفريق بسهولة بين مَن يحفظ أكبر قدر ممكن من المسائل الفقهية المجردة من غير قدرة على الجمع بينها، وبين الفقيه القادر على استخلاص النظرية منها حتى وإن توقف عند بعض المسائل الجزئية.
هذا هو الفرق بين العلم والمعلومة ... فالعلم لسي مجرد الاطلاع على كمّ هائل من المعلومات، وإنما القدرة على تحصيل النظرية التي تشكل ثابتاً في حياة الانسان المحصل.
بين العلم والإثارة: الإثارة تختلف عن المعلومة، وذلك لما بينهما من نسبة العموم والخصوص المطلق، فكل إثارة معلومة، لكن ليس كل إثارة معلومة على نحو الحتم ... وما يهمنا هنا هو ثبوت الإثارة.
الإثارة إما مشكلة فكرية تحوم حول قناعات الانسان الثابتة لتحيولها من الطلاق إلى النسبية أو رفضها حتى ... وأما فكرة جديدة لا تزال في دائرة التساؤل والمناقشة .. وكلا هذين الأمرين يشيران إلى أنها قابلة للثبوت والرفض في آن، أي بد لم تتحول إلى نظرية ثابتة، فهي مجرد فكرة هائمة وغير مستقرة.
أما العلم فهو أفكار ثابتة ومستقرة لا أقل عند حاملها ـ بينما الإثارة غير مستقرة حتى عند حاملها ـ وإن كان الكل يرفضها.
بناء على ذلك فإن مجموع الإثارات لا تشكل علماً، لأنها لم تتحول إلى قناعة راسخة، بل قد تكون عاملاً أساسياً في هزّ مسلمات الانسان ... نعم يمكن أن تتحول علماً إذا أجيب عليها، أما مجرد الالتهاء بها فإنه لا يشكل علماً.
ويتجلى هذا الأمر كثيراً خاصة في الأوساط الثقافية، حيث نجد إنساناً يطلق من لسانه إثارة تلو إثارة في فترة وجيزة، لكن من دون أن يملك إجابة على واحدة منها، بينما تجد آخر تندر لديه الإثارة، لكن عقله مليء بالأجوبة والنظريات الثابتة التي استوحاها هو من خلال عمله الثقافي ... فالعالم هو الثاني، أما الأول فيصعب تسميته بالعالم لعدم قدرته على وضع الأجوبة، بل قد تكون حتى قناعاته ومسلماته مهزوزة بسبب كثرة الإثارات الحائرة.
فالعلم بذلك يكون قناعات ثابتة وليس مجرد إثارات متكاثرة وحائرة.
بين العلم والمشكوك: والمشكوك قد يكون بينه وبين المعلومة ما كان بين المعلومة والإثارة من نسبة ... كما أن بينه وبين الإثارة أيضاً ذات النسبة، نسبة العموم والخصوص المطلق، إذ إن كل مشكوك إثارة، لكن ليس كل إثارة شكاً على نحو الضرورة.
فالمشكوك هو عبارة عن الفكرة التشكيكية التي تهتم بهز عقيدة الانسان في مسلماته، بدون أن تضع حلاً وإجابة لا لذاتها ـ قبولاً ـ ولا لتلك المسلمات ـ رفضاً ـ كم أنها تشمل التصورات الشكية في عقائد وتصورات الغير، لأنها تجعل الانسان غير رافض لما لا يعتقد، مما يعني بالنتيجة، أنه أيضاً مشكك فيما يعتقد ...
بينما العلم هو عبارة عن تراكم من اليقينيات والثوابت، أو لا أقل مؤديات للظنون الخاصة المعتبرة شرعاً ـ وهي وإن لم تكن يقيناً بمعنى العلم الوجداني إلا أنها كذلك بمعنى العلم التعبدي وهو أيضاً لا يجوز للانسان تركه ...
لهذا فلو أن إنساناً ملأ عقله بالتشكيكات من دون أن يجد لها حلاً، يصعب عده من أهل العلم، لأنه غير مقتنع بشيء حتى يكون عالماً به، فهو حامل للشك فقط وليس حاملاً للعلم ... في حين أن العالم على النقيض من ذلك تماماً، فهو يسمع التشكيكات لكنه غير حامل لها، إنه يحمل العلم المتمثل في الثوابت واليقينيات الطاردة بطبيعتها لكل الشكوك ... نعم قد يحول الشك إلى تساؤل علمي ويجيب عليه، فيرفضه أو يقبله.
فالشك ليس علماً، وإنما هو مجرد فكرة سلبية ـ وهذا وجه اختلافه الجذري مع مطلق الإثارة لأن الإثارة لا تفتعل السلبية أما الشك فهو قائم على السلبية أساساً ـ غير مستقرة رفضاً ولا قبولاً، والعلم بخلافه فهو فكرة ايجابية مستقرة قبولاً أو فكرة سلبية مستقرة رفضاً.
هذه هي المميزات الأساسية للعلم، ومَن يريد أن يتعلم العلم لابد أن يقف على هذه المفارقات ويميز بينها، ليعرف أي شيء يتعلم، فهو ينبغي أن يتعلم العلم لا المعلومة ولا الإثارة ولا التشكيك ... نعم قد تكون كل تلك واقعة في بعض الأحيان في طريق تعلم العلم، لكن ليس لمجرد المرور عليها وإنما للإجابة عليها ـ كما في الإثارة والمشكوك ـ أو لربطها بأصولها ـ كما في المعلومة.
من كل ذلك نستخلص بأن العلم هو عبارة عن المعرفة بالأصول والمباني الدينية الكبرى والصغرى، التي يمكن أن تكون ميزاناً لسائر الأفكار والمسموعات أي التي ترد إليها الأفكار وتوزن بها ... لهذا فالعالم يعرف بما لديه من مبان وأصول فكرية، وليس بما يحمل من معلومات وإثارات.
هكذا ينبغي أن نتعلم العلم ... ومَن يتعلم العلم حسب هذا التمييز يكون عقله متسماً بالنضج والحكمة، بخلاف الآخر فإنه لن يكون إلا ذا عقل غير مستقر.
المقدمة الثانية: محاكاة العلم داخلياً
مَن يريد العلم لابد أن يقرأ العلم نفسه، لا ما قيل عنه، وهذا ما عنيتُ بالمحاكاة الداخلية للعلم، فالعلم حتى يؤخذ سليماً ينبغي قراءته من الداخل ـ من داخله ـ وليس من خلال الاقتصار على الوسائط الخارجية، لأن الواسطة إذا كانت بعيدة عن روح العلم نفسه، يصعب عليها التحدث بلسانه، فتعرضه في صورة مشوهة وغير مدركة لدقائقه.
لهذا نجد العديد من المفكرين المنصفين الذين يحترمون العلم، إلى التأكيد على ضرورة فهم الأدوات الخاصة بكل علم وعلى رأسها العلوم الدينية، قبل المباشرة بالتفكير في مواد تلك العلوم ...
يقول محمد أركون في دراسة له أعدت خصيصاً لنقد العقل الاستدلالي الرائج في وسط المفكرين المسلمين ـ ما يعني أن المنتظر منه لم يكن سوى تجاوز كل الأدوات التقليدية الخاصة بالعلوم الدينية، لكن ما صدر منه كان خلفا ذلك تماماً ـ يقول ((من الطبيعي أن ينرفز العلماء عندما يستخدم المرء النصوص المقدسة والتراث الموروث بشكل خاطئ أو عندما يتلاعب بها وبه بشكل تعسفي. ولهذا ينبغي على المفكر المسلم الحديث أن يحتاط لنفسه جيداً ويجهز نفسه علمياً بشكل لا غبار عليه فيطلع على كل ما يخفى معرفة النصوص القديمة أو الشروط التقنية للاجتهاد الكلاسيكي. ينبغي أن يمتلك كل ذلك أولاً، فلا يعتبره تحصيل حاصل، أو شيئاً تراثياً لا قيمة له، ذلك أن الانتقال من مرحلة الاجتهاد الكلاسيكي إلى مرحلة نقد العقل الاسلامي، فينبغي أن يصمم ويصور على أساس أنه امتداد للاجتهاد الكلاسيكي وإنضاج له)).
)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aindeflaedu.ahlamontada.com
 
كيف نتعلم العلم؟ ج2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
التربية و التعليم بعين الدفلى :: الفئة الأولى :: قسم الأساتذة و المعلمين :: مفتاح النجاح-
انتقل الى: